فقد شكا بعضهم فقره إلى أحد الحكماء فقال له الحكيم :
-أيفرحك انك اخرس ولك عشرة آلاف درهم ؟فقال :
-لا
-أيفرحك انك اعمى ولك عشرة آلاف درهم ؟
-لا
-أيفرحك انك مقطوع اليدين و الرجلين ولك عشرة آلاف درهم ؟
-لا
- أما تستحي ان تشكو الله و له عندك كل هذا .
قال الله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ،)
فإذا كان الإنسان لديه القدرة على العيش في رغد فهل ينطبق عليه هذه الآية الكريمة وما معنى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ؟
معنى الآية: إن الله أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحدث بنعم الله ، فيشكر الله قولا كما يشكره عملا،
فالتحدث بالنعم كأن يقول المسلم : إننا بخير والحمد لله ، وعندنا خير كثير ، وعندنا نعم كثيرة ، نشكر الله على ذلك .
لا يقول نحن ضعفاء، وليس عندنا شيء . . لا . بل يشكر الله ويتحدث بنعمه، ويقر بالخير الذي أعطاه الله،
لا يتحدث بالتقتير كأن يقول: ليس عندنا مال ولا لباس . . ولا كذا ولا كذا لكن يتحدث بنعم الله، ويشكر ربه عز وجل.
والله سبحانه إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثرها عليه في ملابسه وفي أكله وفي شربه،
فلا يكون في مظهر الفقراء، والله قد أعطاه المال ووسع عليه، لا تكون ملابسه ولا مآكله كالفقراء،
بل يظهر نعم الله في مأكله ومشربه وملبسه. ولكن لا يفهم من هذا الزيادة التي فيها الغلو، وفيها الإسراف والتبذير.
وبين الحديث الشريف: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" ؟
قال بعض الناس:نحن إذا تحدثنا بالنعم أصابنا الحسد والعين، فماذا نفعل؟ نقول:
أولاً: إذا كان الذي أمامك معروف بالحسد فهذا لا يعني أنك تقول النعم التي جاءتك، وتستجلب حسده وإصابته لك بالعين؛
هذا إذا كان حسوداً، أما في الأحوال العادية الطبيعية فأنت تذكر نعم الله عليك.
ثانياً: إن الحسود والعائن إذا رآك تحمد الله على النعم العامة، تقول: الحمد لله على ما أنعم به عليَّ من جميع النعم؛
فإن هذا الشيء العام لا يستجلب العين والحسد.
ثالثاً: هناك أدعية تقي من العين والحسد؛ كقراءة المعوذات بعد الصلوات، وقبل النوم، وفي الصباح والمساء. وكذلك فإن هناك بعض الأمور، مثل أن تكتم: (استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود) فيجب ألا نخلط بين شكر الله وحمده على النعم، وبين ذكر بعض الأشياء التي تستجلب الحسد عند العائنين أو الحساد إذا كانوا موجودين.
يمكن أن يكون بينك وبين الله، فإذا خلوت بنفسك فاحمد الله على نعمه، ولا يشترط أن تأتي بين الناس
فتقول: عندي كذا مال، وعندي كذا شركة، وعندي كذا وكذا وفي المجلس من الحساد،
لكن بين إخوانك وأصحابك فأنت تذكر نعم الله عليك،
ثم إن هناك من النعم كما قلنا ما يستجلب الحسد في العادة والعين،
فالله عز وجل لما قال لنبيه: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى [الضحى:6-8]
قال له في آخر السورة: "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ".
0 التعليقات:
إرسال تعليق